تخطي الروابط

الوساطة القطرية: ملفات ناجحة وإدارة حكيمة

توسطت دولة قطر في العديد من القضايا والملفات الشائكة، ونجحت في ترسيخ اسمها كوسيط دولي نزيه موثوق به بحسب شهادات عدة مراقبين وسياسيين، ما جعلها تدير على مدى سنوات جولات من التفاوض بين مختلف الأطراف المتنازعة كميسّر للحوار، سواء بطلب من هذه الأطراف وأصحاب المصلحة، أو بمبادرة من الدوحة بهدف الحفاظ على السلم والأمن الدوليين.

أبرز الوساطات القطرية الناجحة

قادت الوساطات القطرية إلى إنهاء العديد من التحديات والأزمات، ومن بين تلك الوساطات الوساطة التي قامت بها قطر بين الولايات المتحدة الأمريكية وحركة طالبان على مدار سنوات، حيث سبق لقطر التدخل في العديد من المواقف التي جمعت الطرفين، وأشهرها اتفاق الدوحة في عام 2020، الذي وضع نهاية لحرب استمرت لمدة 20 عامًا. وهذه قائمة تضم مجموعة من الوساطات القطرية الناجحة.

2007: الإفراج عن الممرضات البلغاريات في ليبيا

في 2007، نجحت قطر في إنهاء أزمة الممرضات البلغاريات والطبيب الفلسطيني المحتجزين في ليبيا، حيث تم الإفراج عنهم بعد سجن استمر لمدة 8 سنوات. كان الفريق الطبي قد حُكم عليه بالإعدام، وخفف الحكم لاحقًا للسجن مدى الحياة، بتهمة النقل المتعمد للفيروس المسبب لمرض نقص المناعة المكتسبة (الإيدز) لـ450 طفلًا ليبيًا.

تضمن الاتفاق إنشاء «الصندوق الليبي للأطفال المصابين بالإيدز» بمساهمة بين دولتي قطر وجمهورية التشيك، وصرف الصندوق لعائلة كل طفل مصاب مليون دولار أمريكي، إلى جانب تعهد فرنسي بتجهيز مستشفى بنغازي، وتدريب الطاقم الطبي لمدة 5 سنوات، إلى جانب تدريب 50 طبيبًا.

2008: اتفاق الدوحة الخاص بلبنان

في ديسمبر 2006، وقعت أزمة سياسية حادة في لبنان عندما اتخذت الحكومة قرارًا بإزالة شبكة اتصالات حزب الله، وقرارًا آخر بإقالة رئيس أمن مطار رفيق الحريري الدولي بعد ادّعاء العثور على كاميرا مراقبة تتبع حزب الله في المطار. نتيجة لذلك، وقعت أعمال عنف واشتباكات، ودارت عدة معارك في أماكن مختلفة. عقب مرور أقل من عامين، انعقد في الدوحة مؤتمر الحوار الوطني اللبناني بين 16 و21 مايو 2008، ووُقّعت اتفاقية تم التوصل إليها بوساطة قطرية لإنهاء الأزمة السياسية التي عصفت بلبنان لمدة 18 شهرًا. نتج عن اتفاق الدوحة انتخاب قائد الجيش اللبناني وقتها ميشال سليمان رئيسًا للجمهورية، وكذلك إقرار قانون الانتخابات الذي قسّم بيروت إلى ثلاث مناطق، وأخيرًا تشكيل حكومة وحدة وطنية.

2011: المصالحة بين جيبوتي وإريتريا

في عام 2008، وقع نزاع حدودي بين جيبوتي وإريتريا، حيث ذكرت جيبوتي أنّ القوات الإريترية المسلحة قد اخترقت الأراضي الجيبوتية وحفرت بعض الخنادق على الحدود، ونشرت بعض القوات والمعدات العسكرية، ونتيجة لذلك اندلعت بعض الاشتباكات بين الدولتين. في يونيو 2010، وافقت الدولتان على إحالة المسألة لقطر للوساطة، وبالفعل بدأت الدوحة مساعيها لإجراء الصلح بين الدولتين وتوقيع اتفاقية سلام بينهما، وهي المساعي التي تكللت في مارس 2011 بعقد مصالحة بين جيبوتي وإريتريا.

2014: الإفراج عن الراهبات المحتجزات شمال سوريا

Qatar successfully contributed to the release of 13 detained nuns in northern Syria by facilitating the release of over 153 Syrian detainees in Syrian regime prisons. Qatari efforts began in December 2013 following direct action by the Emir of Qatar, Sheikh Tamim bin Hamad Al-Thani, and continued until the nuns’ release in March 2014.

2022: اتفاق سلام للمصالحة في تشاد

في أغسطس 2022، وقّعت الأطراف التشادية على اتفاقية الدوحة للسلام التي من المنتظر أن تمهّد لبدء الحوار الوطني الشامل وإنهاء النزاعات بين الحكومة الانتقالية للبلاد والحركات السياسية العسكرية في الدولة. على مدار خمسة أشهر، سعت قطر لعقد هذه الاتفاقية، ولعبت دور الوساطة بين الأطراف المتنازعة، حتى نجحت في النهاية في إنهاء الأزمة. وتم توقيع الاتفاقية بحضور ممثل للحكومة الانتقالية في تشاد هو وزير الشؤون الخارجية والتكامل الإفريقي والتشاديين بالخارج السيد شريف محمد زين، وممثلين تابعين للحركات السياسية العسكرية، إضافةً لوجود ممثلين من المنظمات الإقليمية والدولية والاتحاد الأفريقي.

Qatar’s Vision of its Role as an Effective Mediator

توسطت قطر في عدة ملفات وقضايا إقليمية خلال السنوات الماضية، وتبذل الدولة جهودًا كبيرة في عمليات الوساطة تركّز على محاولة تقريب وجهات النظر بين الأطراف المتنازعة، والعمل مع هذه الأطراف لإيجاد حلول مستدامة للخلافات والنزاعات الحادثة، دون التدخل في الشأن الداخلي لهذه الدول. تستضيف قطر المفاوضات بين الأطراف المتنازعة، أو تؤدي دور ميسّر الحوار بينها، وينطلق هذا من رؤية قطر التي تنظر إلى السلام بشمولية، فالسلام بالنسبة لها لا يقتصر على غياب العنف فقط، بل يقوم السلام الدائم على العدل والتسويات، ويتطلب الآتي:

  • تعزيز التنمية البشرية، لا سيّما في مجالات الصحة العامة والتعليم وفتح فرص العمل.
  • التركيز على الانتعاش الاقتصادي.
  • Young people’s political and economic inclusion.
  • الدفاع المستمر عن حقوق الإنسان.
  • رفض الظلم والإقصاء وتعزيز التماسك الاجتماعي.

Qatar’s Political Vision in Mediation Processes

Qatar’s foreign policy and mediation processes are based on several principles:

  1. المنطلق الأخلاقي: Also known as “humanitarian diplomacy,” this encompasses conflict resolution, international mediation, humanitarian relief, and reconstruction.
  2. الدبلوماسية الوقائية: تؤمن قطر بتقديم مقترحات للمعالجات والحلول الاستباقية، بدلًا من تبني فكرة الحروب الاستباقية، وذلك يؤدي لإحلال السلام والحد من العنف والإرهاب ويحفظ حقوق الشعوب.
  3. الإصلاح الداخلي: ويشمل ذلك جميع أنواع الإصلاح في المجتمعات والدول التي تقع فيها النزاعات.

The Country’s Role as an Accepted Mediator: Afghanistan as a Model

“Article 7 of the Constitution of the State of Qatar stipulates that our foreign policy is based on the principle of strengthening international peace and security by promoting the peaceful resolution of international conflicts and cooperation with all states seeking peace.”

This principle was emphasized by Qatar’s Foreign Minister, Mohammed bin Abdulrahman Al-Thani, in February 2022 during a workshop held by the Chatham House Institute in Britain, where he discussed Qatar’s role as an accepted mediator and Qatar’s unique perspective on promoting peaceful solutions through diplomacy and dialogue.

Al-Thani pointed out that each state has a role to play on the world stage, and Qatar’s foreign policy has a unique perspective that allows it to promote peaceful solutions to conflicts based on diplomacy and dialogue. Qatar, Al-Thani added, accomplishes this task through mediation, promoting development, humanitarian assistance and the fight against terrorism, and works hard to mobilize its efforts and resources for the sake of peace. Qatar’s ultimate objective is to ensure a better future for all.

Qatar’s foreign policy, Al-Thani explained, depended on bilateral and multilateral alliances as appeared in Afghanistan in either the implementation of large-scale evacuations or the coordination of assistance to the Afghan people, as consolidated efforts had been a key factor for such achievement.

Al-Thani spoke about the relationship between Qatar and the United States of America, where he stated that diplomatic relations have been very strong for 50 years. In the same vein, he touched on hosting talks between the United States and the Taliban for about 7 years, until reaching an agreement, as well as hosting Afghanistan’s internal dialogue.

وتضمن حديثه أيضًا التنسيق الوثيق بين دول مجلس التعاون الخليجي في قضية أفغانستان، حيث أشار إلى أن الدوحة قد استضافت في شهر فبراير 2022 اجتماعًا بين حركة طالبان وممثل مجلس التعاون الخليجي، لمناقشة المسألة الأفغانية وخلق فهم أفضل عن وضع الدول غير المنخرطة في الموضوع.

ما هي أسرار نجاح وفاعلية الوساطة القطرية؟

“Geneva East” is the description currently given by some observers to Qatar, which is evidence of its success in imposing itself as a mediator between conflicting parties. At present, diplomatic mediation has become a key element of Qatar’s independent and renewed regional policy, giving it advantage over its neighbors in the Gulf and the Middle East.

There are many reports and studies in various languages on Qatari mediation, confirming mediation has become a component of Qatar’s identity and a mark on the country’s foreign policy. Certainly, there are reasons for this success and the effectiveness of Qatari mediation:

  1. الدستور

Mediation is an essential part of the Qatari Constitution, which was approved in April 2003, by Article VII of the Constitution. This was the article mentioned by Qatari Foreign Minister Mohammed bin Abdulrahman Al Thani in his talks at the workshop, which underscores the value of mediation for the State of Qatar. Consequently, all the State’s institutions and capabilities are pushed to this direction, as the State’s desire meets its capacity to act.

  1. القيادة الحكيمة

Resources are important, but leadership is more crucial considering its role in managing and directing resources. This was embodied in the personality of the country’s former ruler, Sheikh Hamad bin Khalifa Al-Thani, between 1995 and 2013, and the former PM and top diplomat, Sheikh Hamad bin Jassim.

عملت الإدارة القطرية بقيادة الشيخين على تهيئة المناخ الداخلي في قطر، ما أسهم في وضع قطر في مقدمة الدول اقتصاديًا ودبلوماسيًا، وتجاوز نقاط الضعف الناتجة عن صغر حجم الدولة.

Qatar’s wise leadership continued with Prince Tamim bin Hamad Al-Thani upon his ascent to power in 2013, besides the PM and top diplomat Mohammed bin Abdulrahman Al-Thani. Qatar’s efforts to manage mediation files continued, giving Qatar a well-deserved mediation position it has maintained so far.

  1. Qatar’s wealth

تملك قطر ثروة مالية ضخمة منحتها قوة إضافية ساعدتها على تحمل التبعات الناجمة عن تولي مهام الوساطة بين أطراف النزاع في دول مختلفة، لاسيّما مع كون تلك الدول في العادة دولا فقيرة، ما يتطلب دعما كبيرا لها لحل النزاعات. إضافة إلى ذلك، أعطى العدد الصغير لسكان قطر مساحة تحرك للقيادة القطرية، بعيدًا عن الضغوطات الشعبية والاقتصادية التي تعاني منها دول الجوار.

  1. التغيرات في النظام العالمي

In addition to all previous elements, the vast changes in the global order have facilitated Qatar’s emergence as a strong player that is constantly growing in strength.

هكذا امتلكت قطر المقومات اللازمة لإدارة عمليات الوساطة، ونجحت قيادتها في تأسيس منهجية متكاملة ومنظمة جعلت الوساطة جزءًا من هويتها. وبالفعل، التزمت قطر بأداء هذا الدور على مدار 20 عامًا من تاريخ إصدار المادة السابعة من دستورها التي نصت على مركزيته في السياسة الخارجية القطرية، وتولت عدة ملفات للوساطة أدارتها بنجاح منقطع النظير.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك على الويب.